الثلاثاء، 24 يوليو 2012

البوح الجميل في حضرة الشهر الفضيل .. البوح الخامس




اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما
وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. اللهم آمين
الكعبة .. بيت عتيق .. أم مجرد صنمّ يطوف حوله الرقيق ..؟؟
لا تتفاجئ من عنوان المقال ولا تشحذ همتك لشتمي وقذفي بأسوأ العبارات
فهو كلام كثير من الناس التي لا تفهم في الاسلام شيء وأكثرهم المستشرقين
فأنا لا أعتب على من يحاول أن ينال من الاسلام بتشويهه او محاولة تحطيمه
فهو أمر طبيعي أن يحاولوا بكل جهد تقزيم الاسلام والسخرية من ديننا الحنيف
ولكن عتبي على من يقوم في الصلاة ولا يفهم لما يصلي ويصوم ولا يعرف لما يصوم
ويطوف حول الكعبة يهلهل ويكبرّ مثل الغنمّ ولا يفهم لما يدور حول حجر مثل بهيمة الساقية ..؟؟
سؤال مشروع لكل ملحد وكافر وكاره للاسلام .. وسؤال شرعي لكل مسلم أن يطرحه
ولا يظلّ المسلم مثل الناقة يمشي وراء الحبل المشدود فالله لا تعرفه بالجهل إنما بالعلم
والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍّ خيرٍ كما قال الرسول ص
والقوة هنا لا تنحصر في قوة الجسد كما يتخيل البعض مجرد عضلات وجبروت وشدّة
بل تتعداها الى قوة الايمان وقوة اليقين وقوة العلم وقوة الفهم وقوة الادراك وقوة التفسير
قال الله تعالى” يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً ” [مريم : 12]
والقوة هنا ليست عضلات يده كي يحمل الكتاب ولا قدرته على احتمال وزنه
بل القوة أن يأخذه بقوة الايمان به وقوة ادراك معانيه وقوة فهمه والعلم به
ونحن حين الشدّة نلجأ الى الله بالدعاء ” لا حول ولا قوة إلا بالله “
هذا الدعاء الذي وصفه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بأنه كنز من كنوز الجنة
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال :قال لي النبي صلى الله عليه وسلم:
” ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟
فقلت : ” بلى ، يا رسول الله ، قال :” لا حول ولا قوة إلا بالله ” متفق عليه
ليس أسوأ ممن يحضر فيلم في السينما ويخرج من الفيلم لم يفهم شيء أبدا
فإما أن يكون الفيلم معقداً واستعصى على فهمك وإما أنك خامل خامد لا تفهم شيء
ولم يكن الفيلم سوى مجرد تضييع للوقت لا أقل ولا أكثر لأنه مفروض عليك حضوره
والحياة مثل هذا الفيلم تماما ولكن هذا الفيلم يستحق المشاهدة والمراقبة والاستمتاع به
قال الله تعالى ” أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ “[المؤمنون : 115]
فالله لم يخلقنا عبثا ولا لهوا ولا تسلية ولا كي ندخل الحياة ونخرج منها مثل قطيع الغنمّ
ولم يخلق الحياة كي يلعب ويقضي وقتا سعيدا في هواية من هواياته حاشاه من الوصف
فقال الله ” وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ “[الدخان : 38]
وسيقول لي أحدكم لقد خلقنا الله للعبادة في قول الله
” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ “[الذاريات : 56]
وهذا حقّ ولكن أخبرني ما معنى العبادة وسأخبرك لما خلقنا الله حينها
ليست العبادة تلك الحركات الرياضية التي تقوم بها بين وقوف وركوع وسجود
وليست العبادة في حرمان جسدك من الاكل والشرب وانهاكه بالجوع والعطش
وليست العبادة أن تطوف حول حجر وكأنك في ملاهي للتسلية والترفيه
فالله غنيّ عن عباداتك المجردة من اليقين والايمان والعلم والفهم
ولو شاء الله لجعل كل أهل الأرض مؤمنين بكلمة بين الكاف والنون
وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ [يونس : 99]
والله لن تعرفه بالجهل .. بل تعرفه بالعلم .. لأجل هذا جعل الله في الجنة درجات لأهل العلم
وحين خلقنا الله وهو غني عن عبادتنا له ..لم يخلقنا كي نصلي بقلبّ لاه ولا نصوم صوم الكلاب
ولا حجّ البيت العتيق كنزهة سنوية تقضيها أنت والعائلة مثل شمّ النسيم او رحلة ترفيهية
لقد خلقنا الله كي نعرف الله ونصل الى الله وحينها تتحقق الاية التي يقول الله فيها
” رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ” [آل عمران : 191]
تسأل نفسك لما أطوف حول الكعبة التي هي بيت الله سبع مرات
والاجابة واضحة عند جمهور العلماء المسلمين بأنها مناسك الله
ولكن ألم يكن المشركين قبل الاسلام يطوفون حول الكعبة مثلما نفعل الآن
ويهللون للأصنام التي كانت موضوعة على سطح الكعبة مثل هبلّ
مالفرق بيننا وبينهم اذن ما دمنا نفعل مثل فعلهم ونختلف معهم في التهليل
أليست هي الوثنية بعينها لأننا نتمسّح بالحجر الاسود ونطوف حول صنم كبير ..؟؟
سؤال كبير قد يقع في فخّ الاجابة عليه كثير من المتشددين والمتعصبين للدين الحنيف
والذي يجيبنا على هذا السؤال هو ميزان الحياة وعلوم الفيزياء وقوانين الفلك
فنحن في علومنا نعرف الآن أن قانون المادة يحتمّ علينا أن يطوف الصغير حول الكبير
فالإلكترون يدور حول نفسه ثم يدور حول نواة الذرة في نفس اتجاه الطواف عكس عقارب الساعة
و الذرات في داخل السوائل المختلفة تتحرك حركة موجبة حتى في داخل كل خلية حية تتحرك حركة دائرية
الأرض تدور حول الشمس و القمر يدور حول الأرض و المجموعات الشمسية تدورحول مركز المجرة
و المجرة تدور حول مركز تجمع للمجرات.. والتجمع يدور حول كون أكبر .. والأكوان تدور حول شيء أكبر
حتى نصل الى الأكبر المطلق وهو الله لذا نقول دوما في كل شيء الله أكبر لأنه أكبر من كل شيء
اذن كل شيء حولنا يدور دورة لا ارداية حول الله ونحن معها بطبيعة الحال كوننا جزء من هذا الدوران
ورغم أنف كل من ينكر طوافه حول الله فهو ينتمي لكون يطوف حول الله
والله عز وجلّ أبى أن نكون مجرد دمى تتحرك لا إراديا حوله بلا اختيار
فوضع البيت العتيق رمزاً لحرية العبد ولكسر كل تفسيرات الجبرية
وكي نتجردّ لله وحده في طوافنا ونشعر أن الله أكبر في تهليلنا
وكل مناسك الحجّ والعمرة تدل على لطائف وأسرار عميقة لمن يفهمها
ولباس الاحرام الذي نكسو به لحمنا العاري ونحن نطوف حول الكعبة
كي نتذكر أننا رمينا زينة الحياة الدنيا وتجردنا أمام الخالق العظيم
و نتذكر أننا جئنا الحياة في قطعة قماش وسنغادرها بقطعة قماش
وما طوافنا بهذا الزيّ سوى لقطة مؤقتة تتحدّ فيه الحياة والموت بمشهد واحد
يتعالى فيه صوت لبيك اللهم لبيك … لبيك لا شريك لك لبيك
وحالنا يصرخ ويقول:
لبينا النداء يارب ورمينا الدنيا وراء ظهورنا وجئناك كما خلقتنا أول مرة
وسترنا عورتنا وحلقنا شعرنا وطفنا حول بيتك العتيق كما أمرتنا
وأعطيتنا آية ” فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ” وقد آمنا يارب العالمين
وجئناك نعفّر وجوهنا بالأرض فتدنو جباهنا من التراب كي ترفع قلوبنا للسماء
وتغفر لنا ذنوبنا وتمسح سيئاتنا وترجعنا كما ولدتنا أمهاتنا ..؟؟
\
/
على حافة الافطار
سرّ الحجر الأسود ؟؟

حين تأتيك رسالة من حبيبتك .. فأنت بدون شعور تقوم بضمّها وتقبيلها
وذلك لفرط حبك وشوقك لها .. ولهفتك لكل كلمة وجملة وسطر منها
وانت فعليا تقبلّ ورقاً لا شيء فيه .. ولكن لأنها من حبيبتك فقط
فأنت تستشعر وجودها بين كل كلمة وتشمّ رائحتها وتشعر بحضورها
وكذلك الأمر حين يغيب عنك أحدهم وتجد أثرا منه كقطعة قماش
أو ثوب له … أو مرآة استخدمها .. أو قلما كتب به .. أو كتاب قرأ فيه
فأنت تستحضره بسرعة غريبة لهذا الشخص فقط من أثره الباقي بعده ؟؟
هذا تماما ما يحدث مع الحجر الأسود
عدا أنه من حجارة الجنة كما أخبرنا رسول الله
فقدّ قبّله الرسول عليه الصلاة والسلام بشفاههِ الكريمة وأنفاسه العظيمة
فأي شرفّ وتزكيّة وروعة .. قد تلاقي إن وافقت شفاهك موضع شفاه الرسول ..؟؟
بلال فوراني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شاركني برأيك .. ودعني اسمع صوتك