الاثنين، 23 يوليو 2012

البوح الجميل في حضرة الشهر الفضيل .. البوح الرابع






اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما
وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. اللهم آمين
عدلت .. فأمنت … فنمت …يا من أعزّ االله الاسلام باسلامه ..؟؟

لم أخشى في عمري شخصاً وأنا أقرأ سيرته مثلما عمر بن الخطاب
ترتعش أوصالي حين أقرأ له وأشعر برعب يرتجف له أعضائي
وأشعر بذهول يلفّ عقلي من عبقرية وعظمة وهيبة هذا الرجل
رجل يخشاه الشيطان قبل الانسان ويسلك فجاً غير الفجّ الذي يمشي فيه عمر
ذاك الرجل الذي أسقطت المرأة الحامل حملها من رؤيته على غفلة من هيبته
ذاك الرجل الذي هزّ قلوب الناس وقصور الفرس والروم بالدّرة التي بيده
ذاك الرجل الذي سمّاه الرسول عليه الصلاة والسلام بالفاروق …؟؟
يقول عبد الله بن مسعود مازلنا أذلة حتى أسلم عمر وما كنا تستطيع أن نصلى في الكعبة حتى أسلم عمر
فلما أسلم نزل قول الله تعالى ” يا أيها النبى حسبك الله و من أتبعك من المؤمنين “
كان الاسلام غريبا خائفاً مختبئاً في جحور وشعاب مكة .. يختبئ من عيون المتلصصين والجواسيس
وحين أسلم عمر قال للرسول ألسنا على حق وهم على الباطل قال الرسول نعم فقال عمر ففيمَ الاختفاء
فخرج المسلمين صفين واحد على رأسه عمر بن الخطاب و الصف الأخر على رأسه حمزه بن عبد المطلب
يتوسطهم رسول الله فى المنتصف يرددون الله أكبر ولله الحمد حتى دخلوا الكعبه و طافوا بالبيت
فما أستطاعت قريش أن تتعرض لواحد منهم فى وجود عمر و كان نصر للمسلمين فأعز الله الأسلام بعمر .
اشتهر بعمر بغلاظته وشدته وخوف الناس منه لانه لا يخاف لومة لائم في حق الله
كانوا الناس يفرون من الطريق حين يروه .. والرجال تهاب الوقوف أمام حضوره
إلا أنه كان رجل رقيق القلب .. طيب الأخلاق .. حنون وعطوف ويبكي بكاء مراً
وكان عمر يخفي وراء شدته، رقة ووداعة ورحمة عظيمة، وكأنه يجعل من تلك الشدة والغلظة والصرامة ستارًا
يخفي وراءه كل ذلك الفيض من المشاعر الإنسانية العظيمة التي يعدها كثير منالناس ضعفًا لا يليق بالرجال لا سيما القادة والزعماء
ولكن ذلك السياج الذي أحاطبه عمر نفسه ما لبث أن ذاب، وتبدد بعد أن ولي خلافة المسلمين عقب وفاةالصديق.
وحين تولى الخلافة بعد وفاة أبو بكر امتعض الناس وخافوا وكرهوا خلافته فقام بهم خطيبا في خطبة كثير منا لا يعرفها فقال :
أيها الناس كنت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فكنت عبده و خادمه و كان رسول الله ألين الناس وأرق الناس
فقلت أضع شدتى ألى لينه فأكون سيفا مسلولا بين يديه فأن شاء أغمدنى وأن شاء تركنى فأمضى الى ما يريد فلم أزل معه
و نيتى كذلك حتى توفاه الله وهو راضى عنى… ثم ولى أبو بكر فكنت خادمه و عونه وكان أبو بكر لين كرسول الله فقلت أمزج شدتي
بلينه و قد تعمدت ذلك فأكون سيفا مسلولا بين يديه فإن شاء أمدنى وأن شاء تركنى فأمضى الى ما يريد فلم أزل معه و نيتى كذلك حتى توفاه
الله وهو راضى عنى..اما الان وقد صرت انا الذى وليت امركم فأعلموا ان هذه الشده قد أضعفت الآ اننى رغم ذلك على أهل التعدى و الظلم
ستظهر هذه الشده و لن أقبل أن أجعل لاهل الظلم على أهل الضعف سبيلا ووالله لو أعتدى واحد من أهل الظلم على أهل العدل و اهل الدين
لاضعن خده على التراب ثم اضع قدمى على خده حتى أخذ الحق منه …ثم بعد ذلك أضع خدى على التراب لآهل العفاف و الدين
حتى يضعوا اقدامهم على خدى رحمة بهم و رأفة بهم … فبكى كل الحاضرين فى المسجد فما عهدوه هكذا و ما كانوا يظنوا انه يفكر هكذا
هذا هو عمر شديد في الحق .. رؤوف بالمسلمين .. لايخاف إلا ربه .. ولا يخشى لومة لائم أو حاقد أو حاسد أو طامع أو غني أو ملك ..؟؟
وعمر لمن لا يعرف كان رجل غيّور جداً .. وكان ينتفضّ لمسّ حرمة الاسلام
لم يكون يهون عليه أبدا أن يطال أحد الاسلام بكلمة ولا أحد رجالات أو نسوة الاسلام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دخلت الجنة فرأيت فيها دارا أو قصرا
فسمعت صوتا فقلت : لمن هذا ؟ قيل : لعمر ، فأردت أن أدخلها فذكرت غيرتك يا عمر
فبكى عمر حتى قال : يا رسول الله ، أعليك أغار ؟ ؟؟
وكان ثائراً معجوناً بحب الرسول والدين والاسلام وسيفاً غليظاً على أعدائه
حتى قال الرسول في حديث طويل عن الملكين اللذان يسألان العبد في قبره
من ربك و ما دينك وما كتابك و ماذا تقول فى الرجل الذي بعث فيكم
قال الرسول كلكم تُسألون من الملكين في القبر إلا عمر فأني أراه هو يسائلهما
يقولان له من ربك فيقول لهما أنتما من ربكما … يقولان له ما دينك فيقول لهما أنتما ما دينكما
يقولان له ما كتابك فيقول لهما أنتما ما كتابكما ويسألانه على الرسول فيسألهما ماذا تقولان فيه
أي رجل عظيم هذا .. وأي يقين أصاب قلبه .. وأي شدّة انفجرت في قلبه خدمة للاسلام ورسول الله
أي رجلّ ينسكب الحق من بين أصابعه حتى أني أخشى أن الملائكة يوم الحساب تخشى مناداته ..؟؟
أي رجلّ هذا … كان القرآن ينزل موافقاُ لرأيه في كثير من المواقف وكأن الله طبع في قلبه الحقّ
فقال فيه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه :لقد كان فيمن كان قبلكم من ‏بني إسرائيل‏
رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء فإن يكن من أمتي منهم أحد ‏‏فعمر .
قال عمر‏:‏ وافقت ربي في ثلاث‏:‏ قلت يا رسول الله لواتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى
وقلت يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلوأمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب
واجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساؤه في الغيرة فقلت لهن عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن فنزلت كذلك‏.‏
حتى قال فيه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه : إنّ الله جعل الحقَّ على لسان عمر وقلبه .
صدقت يا رسول فلم يكن الحق سوى جار عزيز على لسان وقلب عمر بن الخطاب …؟؟
يشهد التاريخ بطوله وعرضه عن مناقب أمير المؤمنين وعن انجازاته حين تولى الخلافة
وكل قصص العدل والرأفة والرحمة والخوف تدور حول نعليّ هذا الرجل بكل خشوع
وأني أحب أن أذكر ما فعله فقط تذكرة لمن ينسى وتعريفا لمن لا يعرف… فهو رضي الله عنه
-أول من وضع تاريخا للمسلمين واتخذ التأريخ من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-أول من عسعس في الليل بنفسه(تفقد الرعية) ولم يفعلها حاكم قبل عمر ولا تعلم أحد عملها بانتظام بعد عمر
-أول من عقد مؤتمرات سنوية للقادة والولاة ومحاسبتهم وذلك في موسم الحج حتى يكونوا في أعلى حالتهم الإيمانية
-أول من مهد الطرق ومنها كلمته الشهيرة ( لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها لِمَ لَمْ تمهد لها الطريق يا عمر ).
-أول من وسع المسجد النبوي. وأول من أعطى جوائز لحفظة القرآن الكريم.
-أجلى اليهود عن الجزيرة العربية. وأسقط الجزية عن الفقراء والعجزة من أهل الكتاب وأعطاهم من بيت مال المسلمين.
في مجال الحرب
أقام المعسكرات الحربية الدائمة في دمشق وفلسطين والأردن.
أول من أمر بالتجنيد الإجباري للشباب والقادرين.
أول من حرس الحدود بالجند.
أول من حدد مدة غياب الجنود عن زوجاتهم (4 أشهر).
أول من أقام قوات احتياطية نظامية (جمع لها ثلاثون ألف فرس).
أول من أمر قواده بموافاته بتقارير مفصلة مكتوبة بأحوال الرعية من الجيش.
أول من دوّن ديوان للجند لتسجيل أسمائهم ورواتبهم.
أول من خصص أطباء والمترجمين والقضاة والمرشدين لمرافقة الجيش.
أول من أنشأ مخازن للأغذية للجيش.
في مجال الفتوحات الاسلامية
فتح العــــراق.
فتح الشــــام.
فتح القدس واستلم المســــــجد الأقصى.
فتح مصر.
فتح بلاد فـــــــــارس .
في مجال السياسة
أول من دون الدواوين.
أول من اتخذ دار الدقيق (التموين).
أول من أوقف في الإسلام (الأوقاف).
أول من أحصى أموال عماله وقواده وولاته وطالبهم بكشف حساب أموالهم (من أين لك هذا).
أول من اتخذ بيتا لأموال المسلمين.
أول من ضرب الدراهم وقدر وزنها.
أول من أخذ زكاة الخيل.
أول من جعل نفقة اللقيط من بيت مال المسلمين.
أول من مسح الأراضي وحدد مساحاتها.
أول من اتخذ دار للضيافة.
أول من أقرض الفائض من بيت المال للتجارة.
أول من حمى الحدود
\
/
على حافة الافطار
شهد له الرسول بالعبقرية فقال فيه لم أر عبقريا من الناس يفري فريه
فتأملوا ودققوا في كلام عمر رضي الله عنه وأرضاه حين قال :
«من عرض نفسه للتهمه فلا يلومن من أساء الظن
و من كتم سره كانت الخيرة في يده
, ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يقلبك
و لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المسلم شرًا و أنت تجد لها في الخير محملا,
و ما كافأت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه
و عليك بإخوان الصدق فكثر في اكتسابهم فإنهم زين في الرخاء وعدة عند عظيم البلاء
ولا تهاون بالحلف بالله فيهينك الله.»
بلال فوراني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شاركني برأيك .. ودعني اسمع صوتك