السبت، 21 يوليو 2012

البوح الجميل في حضرة الشهر الفضيل .. البوح الثاني






اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما
وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. اللهم آمين
هل تعرف أجمل كلمة قد تصف بها أقرب الناس اليك ..؟؟
في يوم ما سألتني احدى المقربات مني جداً في حديث يفيض بالدين
من تحب أن ترى من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام
فقلت لها أحبّ أن أرى أبو بكر الصديق وأخشى عمر رضي الله عنه
أما موضوع لما أخشى رؤية عمر فهذا له بوح خاص به
وأما رغبتي في رؤية سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه
فقد أحببت أن أرى الرجل الطيبّ والخلوقّ والحنون على رسول الله
أريد أن أرى العتيق في الجاهلية والصدّيق في الاسلام ..وصاحب رسول الله ..؟؟
أنا لم أتعلم في الحياة كما تعلمت من القرآن
كل حرف فيه وكل كلمة فيه وكل وصف
لم يأتي به الله باطلا ولا عبثا ولا لهوا ولا لعبا
وكنت دوما حريصا على كلمة ” لماذا “في قراءاتي
دوما اتسائل لماذا قال الله كذا ولم يقلّ كذا وأمر بهذا ونهى عن هذا
وهذا ما جعلني أبحث دوما عن أجمل كلمة قد تصف بها شخصا قريبا منك
فكثير منكم من يتعاطى بكلام الحب والعشق والهيام ويغرق في المعاني العميقة
ويقول هذه حبيبتي وهذه صديقتي وهذه عشيقتي وهذه رفيقتي وهذه زوجتي
وهذا رفيق عمري وزوجي وبعلي وحبيبي وصديقي ورفيقي الخ
لكن
لو وجد الله أجمل من كلمة ” الصاحبة ” لما قالها في كلامه العزيز
فقال الله تعالى حين اتهموه بأن له ولد
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ
وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الأنعام : 101]47
فاختار الله حاشاه من التشبيه كلمة صاحبة معه كي يدلنّا على عمق الرابطة بينهما
وكي نفهم أن علاقة الرجل بالمرأة ليست محبة ولا عطف ولا حاجة
فقد جعل الله بتقديره العزيز بينهما المودة والرحمة فقط
أما الصحبة فهي بالضرورة تحتاج الى معيار زمني طويل
تحتاج الى وقت كي تثبت فيما بعد عن صدق هذه الرابطة
ولو علم الله أجمل من كلمة ” الصاحب ” لما وصف بها أبو بكر
فقال الله تعالى
إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ
إذ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا [التوبة : 40]
فوصف الله أبو بكر بأنه صاحب الرسول ولم يقل صدّيقه
فقد عانى أبو بكر مع الرسول كل مظاهر الاضطهاد
وهاجر معه وحارب معه وصلى معه وصام معه
وتحملّ الضرب لأجله .. ولدغة الأفعى لأجله
وبذل ماله كل لأجل رسول الله
فاستحق كلمة صاحب على مشواره الطويل مع الرسول ..؟؟
فكلمة الصاحب والصاحبة هي دلالة على أعمق المشاعر يربط أثنين
فالصحبة تتوسطها كلمة الحب التي ندوخ فيها ونثمل بالصراخ فيها
ولكن الله اختار كلمة الصاحبة والصاحب كي يدلّ على يقين الرابطة
فالله حاشاه ان يكون له ولد إلا إذا كانت له صاحبة يرتبط بها
لذا وصف الله أبو بكر بصاحب الرسول لأنه أكثر الناس التصاق به
والصحبة تحتاج الى شيئين يتشابكا ويدخلان في بعضهما البعض
فتنشأ رابطة لا انفكاك لها كأنها وحدة حال واحدة مجتمعة في اثنين
لذا نلاحظ أن الله تعالى ذكر عبده يونس بصاحب الحوت
فقال الله عزّ وجلّ
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ [القلم : 48]
لقد كان سيدنا يونس عليه السلام في أعماق الحوت يبتهل وينادي ويذكر الله
وكأنهما صارا وحدة حال ورابطة تعصى أكبر التفاسير عن شرح جمالها
وهذا أكبر دليل على أن غرق الشيء بالشيء والتحامهما حتى يصلا لدرجة وحدة الحال
يصيرا صحبة .. وليسا عشاق ولا أحبة ولا أصدقاء ولا معرفة ولا عابري سبيل
الصحبة تتطلبّ حصراً الالتصاق التام بالاخر والانصهار فيه حدّ التلاشي
وزمن طويل من الانهيارات والانتصارات ولحظات الحياة الحلوة والمرّة ..؟؟
فأنت حين تنادي امرأة ما بصاحبتي أو تنادي رجلا ما بصاحبك
فهي أعمق درجة من درجات الحبّ النقيّ والصافي والصادق
لا يستطيع حتى مقياس ريختر أن يرصد درجة اهتزازها
حين أقول صاحبتي
فهي رفيقة الدرب .. وحبيبة القلب .. وشريكة العمر
وحين تقولي صاحبي
فهو أمان الحياة .. ورفيق الروح .. و بيتكِ وسكنكِ
\
/
على حافة الافطار
وأنت تقرأ القرآن أنتبه لكلمة ” أصحاب “
فلم يذكر الله الجنة ولا النار .. إلا بكلمة أصحاب …؟؟
بلال فوراني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شاركني برأيك .. ودعني اسمع صوتك