الأربعاء، 4 نوفمبر 2015

هذا أنا ... فمن أنت ...؟؟



كل يوم تستيقظ يداي على مسح مرآتي المُتسخة جداً جداً
من فيض سرقات الأمس لأحلام طالما كنت أرسمها في مخيلتي باللون الوردي ؟؟
كل يوم أنظف انعكاس الصورة كي ألمح في وجه الغد طريق خالي 
وأسرع في حجز مكان فيه كي أنام قبل الوقت بدقيقة و أستيقظ بعد الوقت بساعة ؟؟
كل يوم أجد أن الطرقات تضمر لي شراً … كخيبة جائعة تتربص عن بعد..
لأول جيب ممتلئ بالهموم وبالأحزان كي تغرز أصابعها في قلبي بكل شراهة …؟؟

كل ما يلامسك من كلمة ” الصدق ” ستكتشف بعد حين أنه ليس سوى مشنقة رديئة الصنع
تهديها لأشياء أو لأشخاص أو لأحداث كي يلفوها حول رقبتك ويقتلوك ...؟؟
ولأننا في عصر السرعة .. حتى الأشخاص الذين نلتقيهم ليسوا سوى أصدقاء ” تيك أوي ”
أو أصدقاء يستخدمون لمرّة واحدة ..ثم ترميهم في أقرب سلة نسيان .. أو حاوية ندم…
إن إحدى خطاياك في هذا العصر أن تتمسك بمبدأ تعيش عليه …وتقتات عليه
إن اسوأ ما تفعله هو ايمانك بهذا المبدأ الذي يجعلك .... سلحفاة في عصر الارانب…؟؟

حين نكون مهزومين جداً .. ومكسورين جداً ...ثم نضحك في وجه خيبتنا
حين نكون كومة بشر مهيأة للخراب والدمار.. ثم نتحدث عن العمران الجميل
فنحن نبيع العطش بكل صدق …في قوارير مياه معدنية انتهتّ صلاحيتها منذ زمن طويل 

حين تصرخ ولا أحد يسمع صراخك الأبكم لأنهم سرقوا حنجرتك
حين تتوجع ولا أحد يمررّ لك كذبة بأن الغد أجمل وأن الأمس هو أكبر كذبة
حين تنفجر ولا أحد يتنبأ بأن مزاجك صار في طور التعفنّ وعلى وشك التحللّ
حين تكسر أحلى الاشياء التي مرت في حياتك كي ترممّ ما تبقى من بقية حياتك 
حين لا تكترث بأحد وتجيد ممارسة المكابرة والصمت وابتلاع غصتك بكل قهر 
حينها تصير مثلي .. رجل خالي من كل شيء يتقنّ التظاهر بخلاف ما يضمره
رجل جاف جدا حدّ التشقق .. يبني مدينة بأكملها  بالحب ... كي يحرقها في لحظة عشق

بعض البشر يصيبوك بوعكة عطش عن سابق حقد أو عن جهل أو غيرة
حتى تشرب حلمك كله دفعة واحدة من قارورة مكسورة ليس فيها سوى الهواء الفاسد
بعض البشر يستعيرون من الملائكة أجنحتهم كي يرفرفوا فوق أحلامك الصغيرة
وحين تنام على غفلة ينقضون عليك بأنيابهم في سريرك بدون أي رحمة أو شفقة 

خذها نصيحة مني أيها العابر فوق حروفي 
احتفظ بأحلامك وخيباتك بعيدا عن أعدائك 
وبعيدا جدا جدا عن أصدقائك 
فأنت لا تدري من سينتشي بعطر القارورة بعد غيابك
ولا تدري من سيثمل على شظايا القارورة .. 
يضحك على انتهاء صلاحية أحلامك ..؟؟
ولكن 
حين تجبرك الظروف القذرة على أن تشعر بالأسى على نفسك .. 
وأن تبكي لوحدك وأن تصرخ لوحدك وأن تتوجع لوحدك وأن تتألم لوحدك 
حينها أضحك .. اضحك من كل قلبك وعانق الحياة كأنك لأول مرة تراها 
فحين يصير أقرب الناس لك ..حصان تراهن عليه …
وتراهن بأنه سيكون معك ..اذا غدر بك الوقت وغدر بك الناس
لا تتفاجأ كثيرا .. إن بحثت عنه يوماً
ووجدته ينام في اسطبل الانتظار… يترقب موتك البطيء بكل شماتة …؟؟

\
/

على حافة الوجع

في ( وجه الشبه ) 
بين الأمس و الحاضر و الغد
تبينّ لي زيف كُل المسميات
فليس هناك سوى يوم آخر ( يتكررّ دوماً  )

بلال فوراني